بعد وقت قصير كان يجب علي الذهاب إلى المدرسة، رغم أنني كنت مغمورة بالفرح إلاّ أنني كنت متوترة للغاية و أنا متأكد من أن والدتي كانت كذلك أيضا، لكن في اليوم التالي اضطررت للذهاب.


أخبرتني والدتي بعدما جهّزتني للذهاب إلى أول يوم لي في الروضة و هي مبتسمة:" حظاً سعيداً عزيزتي".


رغم عبارتها التي كان عليها أن تحفزني، إلاّ أنها لاحظت أنني مازلت خائفة فهذه طبيعة الأم، لذلك أخرتني بجملة سحرية أرددها لكي لا أتحول إلى ذئبة، فأخبرتني أن أحفظ العبارة التالية :" سوف أكون طفلة طبيعية طوال الطريق إلى المنزل."


حاولت أن أقولها بالشكل الصحيح لكنني أخطأت في حفظها بالكثير من المرّات و تلعثمت في كلامي قائلة :"سوف أكون.... طوال الطريق... منزل.... طفلة....".


لذلك ضحكنا معاً عند نهاية حديثنا و أدركت حينها أن الخوف زال و أنّ كل شيء سيكون على ما يرام، فابتسمت و أمسكت يد والدتي و بدأت أجرها للخروج.


ظللت أقول سحر الحظ السعيد كما سميته حتى وصلنا إلى حفل الدخول، كان هناك الكثير من الأباء مع أبنائهم الذين كانوا في نفس عمري، لم أكن محاطة بهذا العدد الكبير من الناس في حياتي، لكن ذلك الشعور الخجول تجاوزني تقريباً في اليوم الثالث لي.


حاولت تعلم التواصل مع الأولاد الآخرين و التعود على ذلك، لذلك ذات مرة ركضت إلى محطة الباص المدرسي بمفردي دون قلق، عندما كان شخص على متن الحافلة يبحث عن مكان قلت له بحماس: "مهلاً اجلس معي أرجوك!"


بالطبع إستغرب مني و كان خائفاً قليلاً لكنه جلس في الأخير عندما ابتسمت له و قلت :"تعال لا تخف".


في الدرس عندما كان يسأل المعلم عن الإجابة لهذا السؤال كنت أول من يصرخ بـ: "أنا! أنا! اخترني!".


و لقد كنت رائعة في ماراثون السباق المدرسي خصوصاً عندما ركضت أسرع بكثير من الأولاد الآخرين، أسرع جداً.


و كانت بداية سنتي الدراسية رائعة و لكنني كنت لا أزال (يوكينا) المستذئبة بعد كل شيء.


فأتذكر ذات مرة في الفسحة، أن معظم الفتيات كنّ يحضرن معهن إكسسواراتهن أو دماهن المفضلة ، و لكنني أحضرت بدل ذلك عظامًا، و أوراقً أشجار، و عناكب كنت قد جمعتها من فنائنا الخلفي في صندوق صغير، و أنا لا أعتقد أن الفتيات شعرن بالإرتياح بعد رؤية ذاك فركضن خوفاً مني، لنقلن أنني لم أعش في بيئة مناسبة جداً لأصبح فتاةً بالشكل الصحيح.


لذلك كنت أنني لا أتصرف كالفتيات على الإطلاق و لو حتى قليلاً، لذلك فتحت هذا الموضوع عندما كنت بمفردي مع والدتي.


"لقد هربن جميعًا عندما أخرجت لهم صندوقي الخاص ، حتى الأولاد هربوا أيضاً!"، إشتكيت لها.


ضحكت والدتي من قصتي لكنني رددت بغضب: "هذا ليس مضحكاً على الإطلاق! أنا جادة، لن يتم قبولي هكذا إذا لم أبدأ في التصرف كفتاة".


لكنها كتمت ضحكها حتى إنفجرت بعدها و قلت :"مهلا! هذه ليست مسألة تدعي للضحك! هذه أزمة".


و من ثم توقفت عن الضحك ثم ابتسمت و قالت: " لقد خطرت لي فكرة، أنت بحاجة أولاً إلى شيء ترغب سيدة في ارتدائه، أتردين ذلك؟ ".


أجبت بكل حماس: "نعم أنا أريد ذلك! ".


في تلك الليلة ، حاكت لي والدتي فستانًا أبيض جميلاً و مزخرفاً بزخاريف سوداء تعطي مزيجاً رائعاً و مناسباً، و كنت متحمسة للغاية لدرجة أنني شاهدتها و هي تصنعه كله طوال الليل، حتى أتمكن من تجربته.


في اليوم التالي ، أثنى كل واحد من أصدقائي على ثوبي الجديد رغم أنني ظننت أنّ الانخلاط بينهن سيكون صعبًا و ليس بهذه السهولة، و رغم أنني ظننت نفسي غريبة لكنني كنت أحاول أن أكون أكثر جرأة حتى لو قتلني الأمر في النهاية.


2021/01/11 · 140 مشاهدة · 547 كلمة
THE EAGLE
نادي الروايات - 2024